إبراهيم عثمان يكتب : هترشات علوقية

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

إبراهيم عثمان يكتب :

هترشات علوقية

▪️ في زمن القحط المادي والمعنوي الذي لا يفلت شئ من مفاعيله كانت مزاعم الإنجازات الأكبر التي تحقق التقدم والعبور تتماشى مع مزاعم التعطيل الأكبر الذي يفسر التراجع والانهيار، ليتعانق الشكر مع الشماعة، وهما المتنافيان في صحيح الأفهام .

▪️ والاثنان، في سلوك قحطي صميم، يتسابقان على تجاوز سقوف النسبية، التي قد تسمح بدرجةٍ ما من درجات التعانق، إلى فضاء الإطلاق، حيث التنافي الكامل، ليأتي الشكر كثيراً وكأنه لا تعثُّر هناك، ذاتياً كان أو مصنوعاً، ولتأتي الشماعة كبيرةً ومذكورةً ليل نهار كما تتطلب حالات الفشل الذريع الذي لا تتخلله نجاحات من أي نوع، في إقرار ضمني من صاحبهما – بعقلانية مصلحية سرعان ما يتراجع عنها إلى نقيضها- بأن اختراع الشماعات المفسرة أسهل وأجدى من اصطناع النجاحات النافية.

▪️ والعلوق وحده لا غيره سيتكفل بصناعة الاتساق وتسويغ الاتفاق، بحيث يلاقي الإطلاق نقيضه الإطلاقي، فلا الشكر يقلل منه فشل كبير يحتاج إلى شماعات بحجمه، ولا الشماعات يقلل الحاجة إليها نجاحٌ تجاوز الحد المعقول واستحق امتناناً وشكراً كبيرين واستثنائيين .. ليستقر الاثنان في عقل قحطي واحد ينعم بفردوسه الخاص الذي صنعه من تلاقي كذبتين متنافرتين .

▪️ كما وجدوا الطريقة التي صنعوا بها تعايش الشكر مع الشماعات، كذلك لم يصعب عليهم الانتقال السلس من وعود العبور الذاتي المحلي الكبير إلى وعود العبور الخارجي المحمول جواً وبحراً وعبر شبكة التحويلات المصرفية .

▪️ وكما صنع العبور الافتراضي الذاتي من موردين فقط، الذهب والصمغ، أزمة مواعين لمليارات وجدي صالح التي تفيض عن الحاجة، ليقترح “تشتيتها” في الصرافات. كذلك صنع العبور الخارجي أزمة مواعين لمليارات منعم سليمان الآتية من وراء البحار، وقد كان حريصاً على إبراز هذه الأزمة الجميلة لا لكي تجد حظها من المعالجة الاستباقية، ولكن كمعالجة ذات طابع علوقي لأزمة الشعبية .

▪️ وبما أن الأداء شديد البؤس قد جعل الحديث – الآن – عن العبور الذاتي فضيحةً لا يقتربون منها، وبالتالي توقف خط إنتاج الأعلاف الخاصة به، فقد خلا الجو لنظرية مليارات الخارج التي ( كانت ) ستحقق العبور القائم بالكامل على عطايا الغرب الحنون، لكي ينتقل الشعب – معهم – من أجواء الوعد والأمل إلى أجواء اليأس واللطم من “تهور” البرهان وحميدتي الضكران اللذان “انقلبا” على أقوى خطتي عبور وحرما الشعب من خيراتهما في الوقت الذي اقتربت إحداهما من النجاح !

ولتذهب الأدبيات المتصخمة في مناهضة الإمبريالية، وفي ظلم الغرب ومؤامراته على الشعوب الحرة، وعلى عراق البعث، وسوفييت المراكسة، بل وسوداننا نفسه، فلتذهب إلى الجحيم، ما دامت ستقف أمام علوق تشتد الحاجة إليه، بما يفوق بأضعاف مضاعفة الحاجة إليها ..

إبراهيم عثمان

اترك رد