مرصد التناقضات ،،، التجسيد الأقصى للشعوذة السياسية

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

مرصد التناقضات ،،، التجسيد الأقصى للشعوذة السياسية

إن الذي سمع ذات يوم أقسى اعتراف يمكن أن يصدر عن المسؤول الأكثر صلةً بمعاشه : ( غير جيب المواطن دا ما عندنا محل تاني نمشي ليهو، الحكومة تجيب قروش من وين ؟ ) وكان الاعتراف متزامناً مع أقسى جرعة دوس اقتصادي : ( تعويم الجنيه + التحرير الكامل لسعر الوقود + إلغاء الدولار الجمركي + زيادات أخرى + الوعد بالاستمرار في سياسة رفع الدعم ) وشجَّع وروَّج للثمرات العاجلة والآجلة لهذه السياسات، ثم انتقل فجأة إلى الشكوى بأعلى صوت من زيادات أقل ولا تخرج عن الخطة – التي أيدها – اتخذ قرارها ذات الوزير، سيكتب بتشجيعه المتحمس ثم شكواه المريرة أبلغ الجمل في تعريف القطيع، والأعلاف، والسواقة، والنفاق، والدجل، والشعوذة السياسية إلى آخر قائمة مصطلحات زمن القحط .

دعك من أن الأمر كله يستند على كذبة، فالكذب عندهم معتاد وطبيعي، لكن كان الأمر كذباً فوق كذب فوق دجل فوق نفاق فوق خداع للذات، فوق مخادعة للغير فوق كذب على لسانهم : عندما قام د. جبريل، بالاتفاق مع حمدوك وحكومته، بفرض أقسى جرعة من السياسات الاقتصادية قالوا إن هذه السياسات ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد على المدى المتوسط والبعيد، واستمرت شكوى الحكومة من ضيق ذات يدها وعدم قدرتها على تخفيف المعاناة على المدى القصير، لكن فجأةً بعد سقوط حكومتهم بدأوا الترويج لمعلومة تفيد أن تلك السياسات كانت قد أثمرت – في أقصر مدى زمني – أكثر من ملياري دولار في بنك السودان، الأمر الذي أخرج الحكومة من ضيق ذات اليد والعجز عن التسيير إلى سعة الغنى والتوفير ، مع نسبة دولارات الوهم إلى حمدوك وكل حكومتهم باستثناء د. جبريل الذي يستحق لعناتهم .. ولجعل كذبة الغنى أكثر واقعيةً فبركوا لها شهادات ممن خلفوهم في الحكم ومن بينهم جبريل نفسه، واخترعوا روايةً عن استيلاء رأس النظام على الأموال المدخرة ، ولأن الكذبة بكل فصولها كانت قمة في الركاكة والابتذال، ولأن الفشل كان هو أم الحقائق التي تهزم كل التلفيقات إلى درجة أن أفضل دفاع توصل إليه قادة قحت بعد طول تخبط كان هو قولهم ( إنه فشل جماعي)، لأن ذلك كذلك، لم يشأ قيادي واحد من قحت أن يلوث نفسه بهذه الكذبة تصريحاً أو تلميحاً لكنهم اكتفوا بدعمها بالصمت المتواطئ وبتركها علفاً يبيعه النشطاء ويشتريه ويجتره القطيع ..

تباً للزيف ..
تباً للعالف والمعلوف

إبراهيم عثمان

اترك رد