علاء الدين محمد ابكر يكتب : البنك الدولي تسبب فى ثورة جياع سيريلانكا والسودان في الطريق

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

علاء الدين محمد ابكر يكتب :

البنك الدولي تسبب فى ثورة جياع سيريلانكا والسودان في الطريق

معروف عن سياسة البنك الدولي هي تدمير شعوب العالم الثالث من الداخل عن طريق حجة الاصلاحات الاقتصادية التي سرعان ما تفشل بسبب اصرار الدولة علي تطبيق سياسة رفع الدعم عن الخدمات والوقود وغيرها مما يقود إلى ظهور بوادر الاحتجاجات ومن ثم
اشعال الحروب والفوضي فيها تمهيد لسرقة مواردها عبر عصابات تعمل لصالح الدول الراعية للبنك الدولي فالبلاد عندما تكون في حالة ضعف وانفلات يسهل ممارسة عمليات تهريب الموارد الطبيعية بدون رقيب او حسيب خلاف عندما تكون للدولة سيادة علي كامل ترابها الوطني

والبنك الدولي عبارة عن مخلب قط استعماري جديد بدلا عن الاستعمار التقليدي العسكري الذي كان سائد ابان القرون الماضية ومن منا لم يسمع بشركات الهند البريطانية والهولندية في القرن السادس عشر التي كانت في البداية تتخذ طابع تجاري ومع مرور الوقت تحولت من شركات تجارية الي قوة عسكرية بغرض السيطرة علي مناطق الموارد الطبيعية حيث اهتمت شركة الهند الشرقية في مستهل أعمالها بالفرص التجارية التي كانت تتيحها لها جزر التوابل في جنوب شرق آسيا اضافة منحها ميثاق لاحتكار التجارة في جزر الهند الغربية ( الكاريبي) وتطور الامر الي قيام الحكومة الهولندية بمنح الشركة تصريح بمقتضاه حق احتكار التجارة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بردع أي معاملة سيئة يتعرض لها الهولنديون وكذلك حق عقد معاهدات مع حكام الشرق باسم الحكومة الهولندية، وبناء القلاع وتعيين الحكام والقضاة في المواقع التابعة وتطبيق القانون وتوفير النظام في مثل تلك المناطق ومن خلال تلك الشركات تم فرض الاحتلال الاوربي علي دول جنوب شرق اسيا بحجة حماية مصالحها التجارية وارغام الدول التي لم تسدد ديون الشركة علي اتباع سياسة اقتصادية اشبه بتلك التي يقوم بها صندوق النقد الدولي اليوم وما اشبه الامس باليوم

ان ماحدث لدولة سيريلانكا من جوع وفقر بعد غناء يعتبر امر محير فسياسة البنك الدولي هي التي قادت إلى اندلاع ثورة جياع في هذا البلد الذي لم يتاثر في الماضي بالحروب الاهلية الطويلة التي كانت يخوضها جيشها ضد تمرد نمور التاميل و لم يعاني شعبها من الجوع وهو ذات الشي الذي ينطبق على السودان الذي لم يعرف ازمة خبز طوال فترة الحرب الاهلية بالرغم عدم امتلاك البلاد لمورد النفط

وسريلانكا هي ثاني أغنى دولة في منطقة جنوب آسيا بعد جزر المالديف ولايوجد سبب يجعلها تعاني من ازمة غذاء وذات الشي ينطبق على السودان الذي كان يسمي بسلة غذاء العالم ولكن بعد ربط مصير اقتصاد بلادهم بالبنك الدولي لن تعرف بلادهم الاستقرار بعد اليوم ونتيجة لسياسة وشروط البنك الدولي فقد ظهرت مشاكل عديد في اقتصاد سيرلانكا خاصة في أعقاب وباء كوفيد19 إذ حرمت سريلانكا من المداخيل التي تحققها من القطاع السياحي الذي يعد المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية في البلاد حيث فشلت سريلانكا في تنويع اقتصادها واعتمادها على قطاعين رئيسيين تدهورا بشدة في العامين الماضيين، هما السياحة وزراعة الشاي بالرغم من انها بلد يتمتع بمناخ معتدل كان يمكن ان يساعدها علي تنويع مصادر الدخل مثل زراعة القمح والشعير والذرة وتربية المواشي والاسماك وهو ذات السياق الذي وضع فيه السودان نفسه حيث ظل يعتمد علي مصادر معروفة في جلب النقد الاجنبي حيث لم يستفد من السياحة خاصة وان البلاد تتمع بمناظر جميلة ومواقع اثرية نادرة وموقع ممتاز علي ساحل البحر الاحمر كان يمكن ان يكون نقطة تجارة حرة لرفع دخل البلاد
و سيريلانكا نتيجة لنهجها الغريب في ادارة اقتصادها تدهور الوضع فيها حتي وصل الي نقص في السلع الأساسية كالغذاء والوقود والأدوية وانقطاع الكهرباء وتضخم قياسي ولم يملك شعبها خيار خلاف الاعلان عن ثورة جياع اجبرت رئيس البلاد علي الفرار بعد اقتحام جموع الشعب الثائر للمجمع الرئاسي، ومكاتب الرئيس الاخري وتنحصر مطالب المتظاهرون باستقالة الرئيس و رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والسياسية

الفرق بين شعبي البلدين ( سيريلانكا والسودان ) يكون في ميزة الصبر فالشعب السوداني صبور وحليم ولكن كما يقال فان للصبر حدود وكما خرجوا في مناسبات سابقة احتجاج على غلاء الأسعار وارتفاع ثمن الخبز الحاف لا يستبعد ان يكرر ذات السيناريو في ظل اصرار التجار الجشعين علي التلاعب بقوت الشعب مع تجاهل حكومي لكبح جماح السوق فالشعب السوداني خرج علي الرئيس المعزول عمر البشير وقد كانت قطعة الخبز حينها بسعر واحد جنية فهل يعقل ان يقبلها اليوم بسعر فوق الخمسين جنية ؟

فهناك وجه شبه مابين البلدين فالسودان كما سيرلانكا بلد غني جدا بالموارد الطبيعية ورغم ذلك يعاني شعبه من الجوع والفقر والبطالة وعدم وجود خطط التنمية مثل انشاء مدن جديد لحل مشاكل معاناة السكان مع السكن اضافة الي تطوير مشاريع الامن الغذائي لضمان توفير الطعام وانشاء مدن طبية في ارجاء البلاد المختلفة وكبح جماح التجار الجشعين وقبل ذلك اجراء تعداد سكاني لمعرفة عدد السكان بالبلاد مع انشاء نظام ضريبي جديد فالدول المتقدمة تعتمد علي الضرائب المدفوعة من اصحاب الدخل العالي وليس من جيب المواطن البسيط لذلك يجب التفريق بينهم عبر مسح اجتماعي ميداني

اتمني من الله ان يهدي الساسة السودانين الي ما فيه خير هذا البلد وان يكون الهم الاكبر هو حفظ كرامة المواطن البسيط فالاسعار تطحن المواطنين والجوع يطرق الابواب في تناقض صارخ فهناك بالمقابل من يمتلك المال بشكل مبالغ فيه وخلال فترة هذا العيد تمكنت العديد من الاسر ذات الدخل المرتفع من شراء خراف الاضحي مثني وثلاث ورباع بينما الفقراء لايملكون الا الصبر علي بلاد تملك ثروة حيوانية ضخمة ولكنها عصية على فقراء شعبها

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺

اترك رد