د.أمين حسن عمر يكتب :مصابيح التنوير شخوص ورموز

السودان

الخرطوم :الرآية نيوز

مصابيح التنوير شخوص ورموز

الشيخ محمد محمد صادق الكاروري

عندما أسس الشيخ الإستاذ علي طالب جماعة الإخوان بعد لقائه بالشيخ حسن البنا كون أول المجموعات وكان غالب أعضائها من خريجي معهد أم درمان العلمي، وكان الشيخ محمد محمد صادق الكاروري من أبكار هذه المجموعة المؤسسة للحركة خارج جامعة الخرطوم والشيخ محمد محمد صادق ولد في العام 1927م بمنطقة نوري بالولاية الشمالية من أسرة عريقة في نوري معروفة بالصلاح والتدين وقد بدأ حفظ القرآن في خلوة نوري ثم إنتقل للخرطوم عام 1942م والتحق بمعهد أم درمان العلمي، وبعد إكمال دراسته بالمعهد شد الرحال إلى الأزهر الشريف. وقد إنضم للحركة في العام 1946م في المجموعة الأولى وصار أحد كبار دعاتها في الخرطوم و الشمالية وتوثقت علاقته بالحركة الام عند ذهابه للدراسة في الأزهر الشريف حيث حصل على شهادته الجامعية. كان شيخ الكاروري ممن شهد مؤتمر 1954 المؤتمر الأول للحركة الإسلامية الذي جمع مجموعة الجامعة إلى المجموعات خارج الجامعة وكان من مؤسسي جبهة الدستور الإسلامي.عمل معلماً ثم مديراً لمعهد نوري العلمي لمدة خمسة سنوات وعقب ثورة أكتوبر
أسس مع دكتور الترابي جبهة الميثاق الإسلامي وكان أحد مرشحيها في إنتخابات عام 1965م بدائرة نوري وفاز بمقعد بالجمعية التأسيسية وصار عضوا نشطا في الجمعية التأسيسية في الفترة من مارس 1965إلى حين أن حلت الجمعية التأسيسية في مارس 1968. وكان في ذات عضوا في مجلس أمناء جامعة أم درمان الإسلامية التي تأسست بمبادرة من علماء معهد أم درمان العلمي، ثم عمل رئيسا لمجلس أمنائها فيما بعد . وعندما وقع إنقلاب مايو إنتقل الراحل للجزيرة أبا ليعتصم مع الإمام الهادي المهدي وكان مستشاره طوال فترة الإعتصام الذي إستمر أشهر عديدة ثم كان رفيقه في هجرته للحبشة وتم القبض بعد إغتيال الإمام في طريق هجرته وحكم عليه بالإعدام في العام 1970م، لكن النميري عفا عنه وتم الإفراج عنه بعد إنقلاب هاشم العطا في يوليو من العام 1971، لكنه سرعان ما عاد للسجن بعد سنتين عندما أعتقل من جديد وأودع السجن بعد ثورة شعبان أغسطس عام 1973 ثم أعتقل مرة أخرى عام 1975 عقب إنقلاب حسن حسين وأفرج عنه بعد المصالحة الوطنية في يوليو 1977. درس علي يديه علماء ودعاة مرموقون منهم الشيخ الجعلي والشيخ عبدالجليل النذير الكاروري والدكتور أحمد علي عبدالله والدكتور عبد المنطلب الفحل وآخرون.
وقد عمل شيخ الكاروري مديراً لإدارة الدعوة الإسلامية في منظمة الدعوة الإسلامية منذ تأسيسها ، ثم عمل من بعد مستشاراً للمدير التنفيذي للمنظمة لشؤون الدعوة . وانتخب الشيخ الكاروري عقب إنتفاضة رجب أبريل في 1985 رئيسا لمجلس الشوري للجبهة الإسلامية القومية التي خلفت جبهة الميثاق الإسلامي وظل رئيسا لمجلس الشورى حتى مجئ الإنقاذ في 30 يونيو1989م. وتفرغ بعد ذلك للعمل الدعوي تفرغا تاما لا يشغله عنه شيء.
وعندما وقعت المفاصلة في العام 1999كان الشيخ الكاروري من أركان المجموعة التي إجتهدت في رأب الصدع ولكنها لم توفق وقد إعتزل كل أنواع النشاط السياسي فلم يحتسب في فريق من الفريقين لكنه حظي بتقديرهما جميعا رغم حدة الخلاف آنذاك.
والشيخ محمد محمد صادق الكاروري ظل الظل الذي يفيء إليه الجميع لدماثة في خلقه، ولطف في تعاطيه مع الأمور، ومحبة فياضة لإخوانه جميعا لا يفرق بين أحد منهم. وكان رحمه الله يقول أنه يعد حياته بعد العام 1970 عندما كان ينتظر تنفيذ حكم الإعدام يعدها مهلة وقد استغلها خير إستغلال فجعل حياته جميعا سلما للدعوة الإسلامية ولم يشتغل بسوى هم الدعوة مذ ذلك الوقت إلى وفاته عن 82عاما في الثاني من فبراير 2009.رحم الله الشيخ الكاروري فقد ترك من نسله ومن أخوانه من يمضي على سنته بجعل الدعوة أولا وجعل السياسة ضربا من ضروبها ودربا من دروبها.. رحمه الله رحمة واسعة وجعل مقعده في أعلى الجنان في رفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

اترك رد