علاء الدين محمد ابكر يكتب : لقد فتك الذباب والباعوض بالمواطنين يا حكومة

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

علاء الدين محمد ابكر يكتب : لقد فتك الذباب والباعوض بالمواطنين يا حكومة

فصل الخريف في السودان يعني تجدد معاناة الشعب مع كوارث الامطار الغزيرة والسيول اضافة الى تردي الأوضاع الصحية
فمنذ استقلال البلاد عن الاستعمار الانجليزي المصري في العام 1956م لم تجد الصحة العامة وخاصة صحة البيئة اي اهتماما كافي من الحكومات الوطنية المتعاقبة علي حكم البلاد فكان اقصي اهتمام تلك الحكومات لا يخرج عن اطار اعادة حفر المجاري المائية بشكل موقت مع قيام الطائرات العاملة في ادارة وقاية النبات في طلعات جوية بغرض ( رش) الاحياء السكنية بمبيدات مكافحة الذباب والباعوض وحتي تلك الطريقة العقيمة في التعامل مع فصل الخريف توقفت تماما منذ سقوط النظام البائد ،

منذ اندلاع ثورة ديسمبر تعيش البلاد في فراغا سياسيا كبير حيث
انشغلت الحكومة الانتقالية عن الاهتمام بصحة المواطن فتجد الشوارع العامة تعج بالأوساخ مع عزوف العاملين في شركات النظافة عن جمع النفايات مع ترك العمل بسبب قلة الرواتب والأجور اضافة الي عدم وجود خطط علمية مدروسة لعلاج نهائي للبنية التحتية للمدن وذلك بتطوير وتحديث مجاري تصريف الامطار وربط العاصمة ومدن البلاد بشبكة حديثه للصرف ااصحي ومعالجة النفايات و الاستفادة منها في مجالات اخري مع تدريب العاملين على ذلك من خلال انشاء معاهد لعلوم البئية وترقية السلوك الحضاري علي ان يكون الحصول على شهادة من تلك المعاهد الصحية هو بمثابة جواز مرور للقبول للعمل في شركات النظافة حيث من المفترض ان يحصل العامل فيها علي راتب كبير لايقل عن تسعين الف جنية في الشهر وفي ذلك تحفيز للعاملين و يساعد علي فتح فرص عمل جديدة للمواطنيين و يكسر غرور اصحاب النظرة الضيقة نحو مهنة عامل النفايات

هذه الايام تشهد البلاد قمة فصل الخريف وبكل اسف لاتزال العديد المجاري المائية لم تجد حظها من الصيانة اضافة الى تراكم الاوساخ حتي صار الوضع الصحي خاصة في العاصمة الخرطوم في غاية السوء بتكاثر الذباب والبعوض مما سبب ازعاج وقلق وامراض للعديد من المواطنين في وضع اقتصادي صعب يجعل المواطن في حيرة من الامر في هل ياكل اما يذهب إلى الطبيب الذي يتطلب هو الاخر دفع تكاليف فوق طاقته في ظل اهمال في المستشفيات الحكومية

اذا علي القائمين بالامر الحكومي في البلاد واجب وطني كبير نحو المواطنيين وحتي وان كانوا يعملون في اطار التكليف الا ان الواجب المهني والأخلاقي يحتم عليهم تفقد الاحياء السكنية ومتابعة عمليات فتح مجاري المياه وازالة الاوساخ ورفع رواتب عمال النفايات وذلك من باب من اخذ الاجر حسابه الله بالعمل

ان صحة المواطن يجب ان تجد المزيد من الاهتمام فلا يعقل ان يكون الملف الصحي ابان فترة الاستعمار الانجليزي للبلاد اكثر اشراق من العهود الوطنية فالقصص التي يرويها الجيل الذي عاصر ذلك الزمان يدل على ان الانجليز كانوا حريصين على صحة الإنسان السوداني اكثر من الحكومات الوطنية فكان المفتش الانجليزي يحرص على نظافة الشوارع والاسواق وحتي دورات المياه في داخل المنازل تجد حظها من الاهتمام والتاكد من نظافتها وسوف احكي لكم قصة منصفحات كتاب «حكايات كانتربري السودانية عن المستر (برمبل ) اشهر المفتشين الانجليز في تاريخ مدينة ام درمان فكان يبدأ المستر (برمبل) يومه العملي بموكب الصباح الذي يتكون من الإداريين الإنجليز والعمد والمشائخ، يطوف على أحياء المدينة يتأكد من نظافتها، والويل لشيخ الحي إذا وجدت أوساخ أو برك مياه في الشارع، يعاقب على الفور و(لبرمبل) مع أهل أم درمان قصص كثيرة، ففي ذلك الزمان كان أول عهدهم بالتطعيم، والإقبال على المراكز ضعيف فانتهز الرجل يوماً نظرت فيه محكمة المدينة قضية متعلقة بالسلوك المتهم فيها شخصية كبيرة، فامتلأ مركز أم درمان بالناس، حينها أمر المستر (برمبل) بإغلاق جميع الأبواب واستدعاء فرق التطعيم على الفور من المستشفى و كان يعرف طبائع أهل السودان ويتعامل معهم وفقها، لذلك في سرعة البرق يحول اتجاه الموكب إلى السوق ليتأكد من طريقة عرض الخضار واللحوم ومطابقتها لوائح المركز دون سابق إنذار حتى لا يحتاط الجزارون والخضرجية، والذين تفتق ذهنهم عن حيلة لم تنطلٍ كثيراً على (برمبل)، حيث شاهد أن موكبه حين يمر بمنطقة معينة تنطلق الزغاريد من نسوة يقفن في الطريق العام، وفي مرة شك الرجل في الموضوع فأمر البوليس باعتقالهن والتحقيق معهن فقلن إنهن يفعلن ذلك احتفالاً بموكب المفتش وإعجاباً بهيبة الحكومة، ولكن تحت التهديد بالحبس اعترفن بأن الجزارين والخضرجية طلبوا منهن ذلك حتى يعلموا بمرور موكب المفتش فيسارعوا بتغطية اللحم والخضار بقماش الدبلان النظيف حسبما تقتضي لوائح المركز. ،
كان مفتش الصحة في ذلك الزمان يحرص على الدخول العشوائي للمنازل لمعرفة درجة نظافة دورة المياه فالمنازل في عرف الانجليز تعرف نظافتها من مستوي نظافة دورة المياه وهذه قمة المسوؤلية الحكومية ولكن بكل اسف اختفت تلك المسؤولية من قاموس جيل اليوم من الإداريين و بالكاد تجد الموظفيين الحكوميين المسؤولين عن الصحة متواجدين في مقر العمل دع عنك ان يكلفوا انفسهم عناء تسجيل زيارة ميدانية الي الاسواق والشوارع للتاكد من ازالة مخالفات وضع الاوساخ في غير موضعها ولكنهم حريصين على جمع وتحصيل رسوم النفايات من المواطنين في وقتها المعلوم

الاسواق الشعبية بالعاصمة الخرطوم تعاني من الاهمال وعدم الرقابة من قبل السلطات الصحية و من يدخلها في فصل الخريف يكاد يستفرغ ما في جوفه بسب انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الذباب و مخلفات تبول وتغوط (الشماسة) في مكبات النفايات ورغم ذلك الوضع المزري تجد هناك من بيع الأطعمة والمشروبات بالقروب من تلك القاذورات اضافة الى عرض الخضر والفاكهة التي تفرش علي قارعة الطريق بينما الملابس والأحذية توضع في رفوف عالية في منظر مضحك لايوجد الا في السودان

مناشدة الي كل والي ولاية من ولايات البلاد ان يبادر بتشكيل لجنة عليا للتعامل مع فصل الخريف وتردي صحة البيئة ولتكن ضربة البداية بتشكيل لجنة دائمة للصحة والهندسة تعمل علي تسجيل زيارات ميدانية الي الاسواق والاحياء السكنية و عمل مسح جوي للمدن لمعرفة مناطق انحدار مستوى المياه لوضع علاج نهائي لذلك مع ازالة كل سوق او محل لا يلتزم العاملين فيه بالضوابط الصحية و التوصية برفع رواتب العاملين في جمع الاوساخ والنفايات مع توفير ملابس ومعدات سلامة واقية لهم وان تقدم لهم وجبات الطعام خاصة (الحليب) علي حساب حكومة الولاية علي اعتبار ان صحة عامل النفايات تضمن لنا المحافظة على العنصر البشري المساعد على نظافة الشوارع العامة والاسواق حينها يمكن ان ينعم المواطن بقليل من الراحة في بلاد باتت لا تعرف الا ازدياد الأزمات بسبب النظرة الضيقة من قبل صناع القرار السياسي

المتاريس
علاء الدين محمد ابكر
𝗮𝗹𝗮𝗮𝗺9770@𝗴𝗺𝗮𝗶𝗹.𝗰𝗼𝗺

اترك رد