دكتور ياسر أبّشر يكتب : والليالي من الزمان حُبالى !!!

السودان

الخرطوم : الراية نيوز

دكتور ياسر أبّشر يكتب :

والليالي من الزمان حُبالى !!!

نعم، مثقلاتٍ يلدن كل عجيبِ.
ومن عجائبها أن أبدلنا الله تعالى بالبروفوسيرات والعلماء والخبراء بقومٍ فيهم من لا يُحسن القراءة، وفيهم من يكره القراءة، وفيهم من إذا قرأ لم يفهم.
وكل هذا بما كسبت أيدينا.. ويعفو عن كثير.
على أن أكبر البلوى، أن يصاب بلد أُنشئت فيه جامعة الخرطوم عام 1902، بنائب رئيس يُسمى حميدتي، لم ينلْ علماً ومعرفةً، ولم يُؤتَ حكمة زعمائنا وشيوخنا، ولم يحقق دُربةً أو تجربةً في شيئٍ ينفع الناس!!
ومن عجائب الليالي أن محكوماً بالإعدام يصول ويجول في مسرحنا السياسي، ولا يجرؤ أحد من أهل السلطان على توقيفه!!

ومن عجائبها أن نفس هذا القاتل المحكوم بالإعدام هو المستشار السياسي لحميدتي.. يكاد يكون قلبه بيده يقلبه أنى شاء!!

ومن عجائبها أن هذا الرجل الثاني في الدولة (وهذا على سبيل المجاز فقط) يوافق على دستور لم يقرأه.. والدستور نفسه تكتبه منظمة أجنبيه، ويتبناه بعض من تسييرية المحامين المحلولة.. والرجل الثاني نفسه يرشوها لتبنّي دستوراً هي لم تكتبه!!

ومن العجب العُجاب أن الرجل الثاني هو أكبر تاجر (رقيق سياسي ) في البلد.. ورقيق سياسي هذه نحتها وصكّها ( Coined ) المبدع محمد عثمان إبراهيم . وبالإضافة لجيشه، فإنه يسترضيك، أو يخضعك بالدولار، أو ببوكس، لتحصل مالياً ومادياً على «دعم سريع» يكون «أسرع دعم سريع» تحصل عليه!!

ومن عجائبها أن الرجل الثاني لم يسمع بماركس أو هيجل أو ريكاردو أو مهدي المنجرة أو ابن خلدون أو أحلام مستغانمي، لكنه مستعد لِيُفتي في الدساتير، وفي الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، وفي سياسة بسمارك الخارجية، وفي سيداو، وغالباً يعتقد أن سيداو هي سُلالة جمال بشارية!!

ومن العجائب أن الرجل الثاني لم يكن مؤهلاً ليدخل الكلية الحربية، ليصبح Commissioned Officer ، لكن رتبته العسكرية الآن أعلى من مونتغمري ومن الجنرال جياب ومن فارسنا اللواء عثمان انجليز.. وهو من يأمر وينهى قائد كلية القادة والأركان، وله جيش موازي يسلحه من الخارج كما يشاء!!

ومن عجائبها أن الرجل الثاني يستطيع أن يعتقلك ويسجنك ويمنعك من العلاج في الخارج!! لك الله يا سيدنا الشريف الأستاذ حسين خوجلي.
وبلغ سلطانه، بل طغيانه، أن قواته تصل نهاراً وتحتل مزارع القارص للدواجن، قبل أن تُعلن لجنة التمكين عن مصادرتها ليلاً، وبلا حكم قضائي!!

ويستطيع أن يُجبرك على بيع منزلك في نمرة 2، عُنوةً واقتداراً!!

ومما يدل أن أمر الله على الأرض اقترب، أن هذا يُرسل قواته لتحتل دار أبو جلابية، ليخضعه!! وليقسره على الموافقة على دستور هو نفسه لم يقرأ ديباجته (بالله واحد يشرح ليه ديباجته دي معناها شنو، وأهميتها شنو؟؟ طبعاً ما في طريقة تقول ليه ديباجة يعني Preamble).. ديباجة بتاعت شنو ؟ المهم الزول يكون عندو جيشو الموازي ومدبّج بالرتب العسكرية والنياشين!!

ثم إن الرجل الثاني يلتقي السفراء والمبعوثين الدوليين، ويسافر للخارج ويمثل السودان ويلتقي الرؤساء ويتحدث معهم، لكن قواعد الدبلوماسية وآدابها تمنعهم عن أن يقولوا: إنهم لم يفهموا شيئاً مما قال.. وغداً سيلتقي رؤساء آخرين، وإن شاء الله «تمطر حَصُو» المشكلة شنو؟! فإن الله خلق الناس «سواسيو»!! وبلاش «فلفسة» معاكم!!

المحير هو هذه الجرأة التي جعلت حميدتي يقيِّم رجالاً مثل حافظ القرإن الشيخ الزبير محمد الحسن ومولانا على كرتي ودكتور عبد الحي وبروفسور عصام البشير ونظرائهم، بل يقول: إنهم «غشونا بشعاراتهم»!!
ويُخيّلُ إليّ أن القيامة قامت، فقد وُسّد الأمر إلى غير أهله.

حميدتي، الذي يقيم أولئك الدينين وعلماء الدين، ينسى أن قواته هي المتهم الأول في جريمة فض الاعتصام، التي راح ضحيتها عشرات الأنفس الغَضّة، ويحاول أن يغسل يديه منها، لا بالتوبة والمغفرة والقَوَد، بل بالدرهم والدولار.

من المواقف التي تتطلب تفسيراً وتوضيحاً، موقف حميدتي من البشير ومن الإسلاميين عامة.. فهو صُنعُهم، لكنهم كانوا يضعونه تحت السيطرة وفي حجمه. على أن الذي يحتاج للتفسير هو عداؤه واستهدافه لهم بعد سقوط نظامهم.
ولكن مطلعين على الملف الإماراتي يقولون: إن موقف حميدتي المعادي للإسلاميين هو في أصله تنفيذ أجندة أماراتية، والأماراتيون يمسكون بلجامه.
وهذا مؤسف؛ لأن مثل هذا الصنيع لا يأتِيه ذو خُلُق ولا ود قبايل، ولا يأتيه السوداني الأصيل ود البلد المحترم، لايمكن أن يعادي من كان أحسن إليه، ولو بذلوا له كل ثروة ود زايد!!
ورحم الله الشيخ موسى هلال، حيّاً وميّتاً.
والعجب أن صاحبنا هذا يقف في المساجد يتحدث ويُفتي في الدين: «الدين خط أحمر» . وهو الذي يموّل ورشة تبنّي الدستور العلماني!! وهو الذي لم يتمعّر وجهه وقحت تبدل القوانين بقوانين مناهضة لشرع الله .

ورغم الاشتباه حول قوات حميدتي بشأن مجزرة فض الاعتصام، أجد أن المثير في قائمة عجائب حميدتي وَمَنْ له به علاقة، أن عناصر قحت – المركزي، الذين يدّعون زوراً، معرفةً وتقدميةً، ويدّعون أنهم يريدون حكم وترقية السودان، يعملون ويتعاونون معه، ونسوا كل تاريخ تجريمهم وسبهم له!! والآن يبررون لبقائه وقواته.
وعرمان يريد أن يجعل قوات حميدتي «نواة لجيش السودان»!
وبابكر فيصل يقول: «إن قوات الدعم السريع لعبت دوراً حاسماً في حماية الثورة»!
ويبرر خالد سلك لبقاء الدعم السريع بقوله:
«لكن الدعم السريع ما حق الدولة، الدعم السريع حق حميدتي وأخوه، حقهم هم، انت داير تبعدهم توديهم وين»؟
ألا تثير تصريحات هؤلاء القحاتة الشبهات حولهم؟؟ وتجعلك تعتقد أن عطايا حميدتي لحقتهم؟ وهو من عُرف بهذا الضرب من الفساد والإفساد؟! ومن ثم فحميدتي والقحاتة: ظلماتٌ بعضها فوق بعض.

أذلّ الحِرْصُ ودولار حميدتي أعناق بعض الخلق من ضِعاف النفوس، ومشوهي الأخلاق.. وما أكثرهم بين قومِ قحت.

وأعجب من كل هذا، أن للرجل الأول علاقة مميزة وينسق معه سراً، ويقبل منه ما يأتِيه، وكل ما بدا له!!

كان على حميدتي أن يَعِيَ أن الله بَوّأهُ مكاناً علياً، فيشكر ويعدل، ولكنه التاطَ بالسفهاء ففجرَ وظلم، فبَاءَ باللعائن، تّصُبّها عليه كل مفجوعةٍ ومفجوعٍ .

سيد حميدتي: والله، لقد ارتقيت مُرْتَقَاً صعباً.
أمًا آنَ لك أنْ تترجّل؟!

ياسر أبّشر
——————————
20 نوفمبر 2022

تعليق 1
  1. بلال فضل المولى يقول

    يحدث هذا لأننا فى زمن الإنحطاط القحطى البرهانى الحميدتى !

اترك رد