دكتور ياسر أبّشر يكتب : الدور الخارجي في إسقاط البشير (2)

السودان

دكتور ياسر أبّشر يكتب :

الدور الخارجي في إسقاط البشير (2)

كنت حدثتكم عن “المونقاي” في دارفور، الذي هو مُعلِن السلطان أو الشرتاي، يُبلّغ قراراته للجمهور.. يتلمّس المونقاي المجامع كالأسواق مثلاً، ويصيح بالناس:
“خشم خشمي، كلام كلام سيدي” ثم يعلن ما قرره السلطان أو الشرتاي.. وليس للمونقاي من الأمر شيء، فهو بوق السلطة الآمرة، لا أكثر.
وسيعرف القارئ الكريم ومن تلقاء نفسه “المونقايات” الذين تعجُّ بهم الساحة، ويَغَصُّ بهم المسرح السياسي في السودان الآن.

واتصالاً بما سبق، نفيد أن الاستراتيجية الأمريكية لاستهداف الإسلام قسمت المسلمين إلى فئات، ليسهل اصطيادهم وانتقاء من ستستخدمهم لتنفيذ أجندتها.
قسمتهم إلى من سمتهم:
– مسلمون أصوليون
– مسلمون تقليديون
– مسلمون حداثيون
– مسلمون علمانيون

أمًا المسلمون الأصوليون فهم الذين يرفضون قوم لوط، ويعترضون على سيداو، ويعطون المرأة نصف الميراث (هكذا sic) ويؤمنون بشرعية الجهاد.
– وبالطبع فالغالبية العظمى من المسلمين تنطبق عليهم مواصفات الأصوليين المذكورة أعلاه.
وعن هؤلاء قالوا: يجب محاربتهم، واستئصالهم، والقضاء عليهم، وإن “ميتهم أفضل من حَيّهم”!!! وأوصى تقرير الاستراتيجية برفضهم وقال باستحالة التعامل معهم.
– يبدو واضحاً تأثّر هذا التصنيف تحديداً بنمط التفكير المسيحي وبيئته.. ومن هنا برز قصوره.

– أما المسلمون التقليديون فقال التقرير: هؤلاء هم الصوفية والشيعة.. وهؤلاء يجب دعمهم، وعدم السماح لهم بتفاهم مع المجموعة الأولى، المصنفة أصوليين (فرِّق تسُد).
ولعلكم تذكرون الزيارة التي نظمها الأمريكان لكل شيوخ الصوفية بالسودان لأميركا، وذلك لاجتذابهم، توطئة لتجنيدهم لأغراض تنفيذ الأجندة المذكورة.
يريد الأمريكان أن يصطادوا من الصوفية من يصلح أن يكون عميلاً مثل الشيخ المزوّر التركي فتح الله غولن الذي أصبح عميلاً وداعماً لإسرائيل والماسونية .

ومن السودان رأس وفد الصوفية ذاك – لسوء حظ الأمريكان – شيخ عبد الوهاب الكباشي، وهو جامعي مثقف ومسيَّس، فكان لهم عدوّاً وحَزَنا.

ومما يُظهر قصور هذا التصنيف أن كثيراً من المتصوفة يرفضون الاستعمار والهيمنة.. فقد كان الـمُخترع بروفسر نجم الدين أربكان رافضاً للسيطرة الغربية وهو من أاتباع الطريقة النقشبندية.
وثار الأمير عبد القادر الجزائري ضد الاستعمار وهو صوفي.
وفي السودان ثار المهدي وقتل أنصاره غوردون.. والمهدي سماني الطريقة.
والبشير نفسه كان محباً للمتصوفة، وغشي حِلَقهم، ويَرْجَحِنُّ لمدائحهم وأذكارهم.
وهناك الشيخ العالم الزعيم (ماء العينين) الذي كان شيخ الطريقة الفاضلة (فرع من القادرية) الذي قاتل الفرنسيين في موريتانيا، وهو جد عميد السلك الدبلوماسي بالسودان السفير محمد ماء العينين.
وتجد أيضاً عز الدين القسام (شاذلي الطريقة) الذي تقتدي به حماس.
وكان الشيخ عبد الله الجنابي صوفياً مشهوراً، وهو الذي قاتل الأمريكان في العراق بعد الغزو، وكان قائد معركة الفلوجة.

– أما المسلمون الحداثيون العصريون: فهم الذين يحاولون إدخال الاسلام في العصر الحديث، يؤمنون بالديمقراطية والتعددية والحقوق الفردية (لم يذكروا فيما إذا كانت هذه الحقوق الفردية حقوق المثليين مثلاً).

– المسلمون العلمانيون: هذا جمع بين متناقضين.. فالمسلم لا يمكن أن يكون علمانياً؛ لأن العلمانية كفر.. وهذا يبين جهل الخواجات بالإسلام والمسلمين.

وبوجه عام:
فالتصنيفات الأربعة تصنيفات قسرية متعسّفة.. فهم لا يعرفون إمكان أن يكون المسلم أصولياً وعصرانياً حداثياً ومتصوفاً تقليدياً، وعلى ذلك ملايين المسلمين.

توصي الاستراتيجية بالعمل مع العلمانيين اللبراليين والملحدين.. وهنا مربط الفرس.
فلدينا، كل هذه الصفات تنطبق على جماعة قحت، كما أبانت فترة حكمهم.. وهم حريصون على إثبات ذلك للخواجات، خاصة حين يتكففونهم في سفاراتهم، وحين يغشون حفلات الكوكتيل، حيث يعاقرون الخمر، بل يعبونها عبّاً، وبالثلج (On Rock)!!!

من المهم أن ألفت الانتباه للنص التالي، الذي كتب عمن يصنفونهم أصوليين، علماً بأنهم، بالمعايير والأوصاف التي وصفوهم بها، هم جمهور المسلمين.. يقول النص:

“ويجب دفع الصحفيين للبحث عن المعلومات والوسائل التي لتشويه سمعتهم وفسادهم ونفاقهم وسوء أدبهم، وقلة إيمانهم، وتجنب إظهار أي بادرة احترام لهم ولأعمالهم، وتجنب إظهارهم كأبطال وإنما كجبناء مخبولين وقتلة ومجرمين، كي لا يجتذبوا أحداً للتعاطف معهم”.

وهذا النص يفسر هتافات: ” كل كوز ندوسو دوس”، والهتافات المسيئة أمام منزل بروفسر مأمون حميدة، وكذلك تلك المسيئة التي قِيلَتْ أمام منزل الشيخ دكتور عبد الحي يوسف..
وإن قلنا: إن العالم بروفسر مأمون من الكيزان فيمكن سبه -على خطل هذا الرأي – فما بال شيخ عبد الحي!!!؟؟؟
وبماذا نفسر التهجم على الـمُقرِئ شيخ الزين محمد أحمد وهو ليس من الكيزان؟
وبماذا نفسر قتل طالب خلوة القرآن في شرق النيل؟ وحصب الخلوة القرآنية بأمدرمان؟
بل بماذا وكيف نفسر التهجم على مسيد الصايم ديما!!!

كانت حملة ضخمة، استخدمت فيها كل الآلة الإعلامية في وسائط التواصل الاجتماعي، وانطوت على سباب وشتائم، بغرض الإرهاب والإرعاب والتخويف، عَمّ كثيرين، وبعضه إلى يومنا هذا.
وأعتقد أنها حققت أهدافها، كما جرى التوجيه..
توجيهٌ لكبارٍ لقنوه لصبية فرددوه، ترداد الببغاء.. بلا عقل وبلا رويّة.

عزيزي: هل عرفت “الفلنقايات” بيننا؟؟ لكن أحسب أننا ظلمنا الفلنقاي الذي يؤدي عملاً شريفاً بريئاً ولسلطة محلية .

وغداً نواصل ما انقطع.

ياسر أبّشر
——————————
20 يناير 2023

دكتور ياسر أبّشر يكتب : الدور الخارجي في إسقاط البشير (1)

2 تعليقات
  1. عوض الله احمداسماعيل يقول

    قاتل الله اليهود ومن اتبعهم
    السؤال لماذا تستخدم الآلةالاعلاميةللاصوليين و الاسلاميين ضدهم ام يمدون الزراع الطويلة لتحتويهم وضربهم بيد من حديد

  2. […] دكتور ياسر أبّشر يكتب : الدور الخارجي في إسقاط البشير (2) […]

اترك رد