طارق الهادي يكتب : نحن جند الله

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

بسم الله الرحمن الرحيم

نحن جند الله

أود أولا أود في هذا العيد أن أحيي كل قادة القوات المسلحة منذ تاسيسها وكل من خدم في هذه المؤسسة من ضباط وضباط صف وجنود منذ العام ١٩٥٤م وحتى يومنا هذا. التحية لكل ضابط أو ضابط صف أو جندي الآن مرابط في ثغر من الثغور في حلايب والعوينات ودرديب وهمشكوريب وزهانة والقرقف والفشقة ومينزة وياردة وسالي وأولو وأبيي وهجليج وبحر العرب والردوم وكلبس وكرنوي وووووووو… والله التحية لا تكفي ولا توفيكم حقكم والله وحده من يقدر على جزائكم فأخلصوا النوايا.

قوات الشعب المسلحة

١- هذا هو الإسم الرسمي لهذه القوات (قوات الشعب) فهم ليسوا إلا أبناء هذا الشعب (إما أب او اخ أو قريب لك او جار على الاقل تسكن اسرته جوارك او صديق) وليسوا من كوكب أخر أو بلد آخر . والشرط الأساسي في الإنتساب للخدمة أن يكون المنتسب ووالدية حاملين للجنسية بالميلاد وليس التجنس.
٢- إن الخدمة في هذه المؤسسة {حاااااااااارة ولا يلبي نداءها إلا أهل الحااااااارة} فهي تعني أن تجيب أنت بشخصك قبل دخولك أبوابها في معسكرات التجنيد أو عبور كبري المعنويات لمصنع الرجال وعرين الأبطال تجيب على أنك مستعد للخدمة في أي موقع يطلب منك أن تعمل فيه و في أي وقت والا تكون عندك نية اغتراب وأن تكون متوقعا لحدوث بتر أو عور أو صمم أو شلل أو عاهة مستديمة طوال حياتك أو الموت وأن يصل أبناءك وزوجتك وأمك بعد طول انتظار لعودتك خبر استشهادك في إشارة(يعني بدل إن تصلهم بشخصك تصلهم في شكل إشارة) وما أكثر حدوث ذلك وأسوأ من ذلك أن تقع في الأسر وما أدراك ما الأسر اسألوا عنه الاسرى فالكثيرين منهم يعيشون بينكم الآن .
كذلك يجب أن تضع في اعتبارك قساوة نوعية الحياة التي قد تمر عليك أثناء حياتك، خاصة في المتحركات والعمليات من شح في مياه الشرب (الزمزمية ليوم واحد وهناك الكثيرين ممن أإضطروا لشرب بولهم ليبقوا على قيد الحياة) وعلى أكل للكوجة (دقيق يعجن في ماء ساخن) مرة يوميا في الغالب لشهور وربما سنين كما حدث في حصار بعض المواقع سابقا وغيرهما وسهر وبعوض وعقارب وثعابين وآفات لا يعلمها إلا الله.
يجب عليك أن تعلم انك تخضع لقانون فيه عدد من المواد العقوبة فيها تصل للإعدام بينما قانون الخدمة المدنية العقوبات فيه لا تتعدى مجالس المحاسبة.
ولذلك فإن غالبية الأسر لا تختار لأبنائها العمل في هذه المؤسسة (قد تقبل ان يكون ضباطا على مضض أما عساكر فحتما لا خصوصا أهل الشمال والوسط الذين يفضلون التعليم الاكاديمي) ويشهد على ذلك معسكرات التجنيد المفتوحة لسنين فلا يقربها أحد ولا عجب فهؤلاء الأبناء يتهربون من خدمة الوطن لعام واحد في الخدمة الوطنية ويتوسطون لذلك ويزورون الشهادات المرضية المزوة وحتى إن قضوها يكون [بمروق نفس وتكون أسوأ فترة في ذاكرته يتمنى أن يمحوها] فهل يتجندون لسنين لخدمة الوطن و (الحصة وطن).
علما بأن هذه المؤسسة هي من أفضل مخدم في الجمهورية فهي توفر السكن والعلاج لمنسوبيها وأسرهم. ولكن كان من المفترض أن تكون الافضل فهم من يهبون أنفسهم رخيصة لحماية شعبهم ولكن في الدولة من مخصصاتهم أعلى بكثير ولكن البربطنا بيه الجيش لا ماكل ولا مشرب لا منصب لا مرتب ولكن عشق وطن جوانا اتركب .
٣- الآن تخيل أن واجب هذه القوات أن تحمي مليون وثمانمائة وثمانين ألف كيلومتر مربع منها ١٢٩الف كيلومتر مربع بحري وحدود طولها أبعد من الخرطوم-لندن أو طولها يوصلك الصين بطول ستة ألف وسبعمائة و واحد وخمسين الف كيلومتر منها ثمانمائة واثنان وثمانون كيلو بحري. كم من البشر والمعدات والمهمات (المستهلكات) تظن يحتاج هذا الشعب ليحمي أرضه (هذه الأرض لنا) في وسط تشهد كل دول جواره حروب ونزعات ونزوح وأطماع حقيقية في أرضه للزراعة والتعدين وغيرها. وأهم من ذلك كم يحتاج رجال هذه المهمة من صبر طوووووووويل للعيش في أصقاع يكون صوت الزيدواي الجايب التعينات بعد شهور معنويات أو صوت الطائرة وهي تسقط بالتعينات بعد شهور معنويات فيقتتل عليها العسكري والعدو حينا قبل أن يقتلعها الأعجل منهما. إن أرضا بهذه الضخامة وحدود بهذا الطول تحتاج لقوات على أقل تقدير هي ١٠ اضعاف ماهو موجود الآن ولكن يضن الشعب علي نفسه بالتجنيد لهذه المهمة ويلوم من تبرع بالتقصير (مالكم كيف تحكمون).
٤- إن هذه المؤسسة القومية التكوين بحق هي الأولى بلا شك في هذه الدولة فهي التى تحرص على تأهيل وتدريب ورفع مقدرات منسوبيها بخطط واضحة ومستمديمة ومتطورة ودوات حتمة (ضرورية للترقي) حتى المعاش وهو ما افقتدته معظم المؤسسات الأخرى مما كان له الأثر الواضح في تحلي منسوبيها بأعلى درجات المهنية من ضبط وربط للافراد وسياقات العمل. وهم وحدهم من حافظ على العمل بنظام الفريق (Team Work) فكل قوة مقاتلة تجد فيها كل المكونات القتالية والفنية والساندة. هم وحدهم من حافظ على خطوات التعليم والتدريب (فالمعلم ١.يقول الدرس ٢.عشان الشرح.٣.عشاني أنا البيان بالعمل٤. يطبقه الطلاب٥. يختم بالتأكد من الفهم ..أي سؤال.) وهذا النظام التعليمي مازال فعالا ومعمولا به في كل الدورات العلمية العالمية . انهم هم الذين يدرسون الإدارة والقانون على مراحل مختلفة في مسيرتهم المهنية ويطبقون ما يدرسونه في حياتهم العملية بصورة يومية ومستمرة وقادتهم أكثر من غيرهم من يلزمون بالدراسات الإستراتيجية كشرط الترقي. هم بلا شك أكثر أصحاب الخبرة الإدارية والعملية في سياقات العمل. إن أكثر مؤسسة حصل منسوبيها على فرص للتدريب والأحتكاك الخارجي في دورات خارجية منتظمة ومبرمجة هي القوات المسلحة ولكن (يا ليت قومي يعلمون).
٤- إن هذه المؤسسة شهدت من تطوير للافراد والمعدات وبيئة العمل والمقدرات الصناعية الدفاعية والمدنية ما جعلها قوة رادعة جعلتها من الأوائل في المنطقة والقارة وجعلت حتى الكبار ينظرون لها بعين الإعتبار والإحترام بل والندية احيانا وقريبا إن شاء الله تكون دائما. إن القوات المسلحة السودانية الآن هي مصدر هيبة و محط إعجاب وتقدير و مقصد للتعلم والتدريب والإستعانة من دول الجوار والإقليم بل والكبار لكنها ليست كذلك عند بعض أبناء شعبها للاسف (وظلم ذوي القربي أشد مرارة من وقع الحسام المهند).
٥- إن القوات المسلحة منذ تاسيسها اشتركت حسب عقيدتها القتالية (نحن جند الله جند الوطن) في الكثير من الأنشطة الخارجية خاصة العربية في ليبيا واريتريا قبل الإستقلال مقابل الحصول عليه و بعده في الكويت ومصر ولبنان واليمن الآن فهي عندما تردد كل حين نشيدها الوطني نحن جند الله تعلم جيدا أن جند الله عليهم أن يستجيبوا لأمره(وَإِن طَاۤئفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱقۡتَتَلُوا۟ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَاهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَـٰتِلُوا۟ ٱلَّتِی تَبۡغِی حَتَّىٰ تَفِیۤءَ إِلَىٰۤ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَاۤءَتۡ فَأَصۡلِحُوا۟ بَیۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوۤا۟ۖ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ) فكانت استجابتها لإجماع الجامعة العربية أو ما تبقى منها في الكويت ولبنان واليمن ومن باب (انصر أخاك) في مصر. وهي وحدها دون سواه في الوطن من ترفع الأيادي بالتحية كلما سمعت نشيد العلم أو السلام الجمهوري أو النشيد الوطني سمه كما تحب (نحن جند الله).وكان ذلك دون مقابل غير المبدأ في كل المرات. بطبيعة الحال رواتب القوات في أي تحالف موحدة وصادرة عن قيادته. فتخيل كم هو جارح للإنسان عمل وفق قسمه (….الصادرة لي من قائدي الأعلى برا أو جوا أو بحرا….) الموافقة لدينه وعقيتدته القتالية تنفيذا لواجبة أن يرميه بعض أبناء شعبه بأنه(مرتزق). والله إنها لكلمة كبيرة حتى في حكم القانون السوداني على قائلها الإعدام بجريمة الخيانة العظمى والغريبة يهتفون ب (…. …. وعدالة). ليت العدالة تقام على كل من أساء للقوات المسلحة.
٦- ظلت قوات الشعب المسلحة هي ملاذ شعبها كلما ضاق صدره ببعضه البعض فتنحاز إليه كل مرة وتحفظ له حقه وتحفظ البلاد وتجيب مطالبه ويهتف ويغني لها ثم ما يلبث أن يسبها ولا تحرد ولا تزعل ولا تأبى الإستجابة فمن النبيل ومن الكريم ومن الشهم ومن الشجاع ومن ومن ومن….
٧- إن القوات المسلحة لم تقاتل في تاريخها إلا من عرفه قانون البلاد بأنه خارج على القانون وبأومر مكتوبة من قادة البلاد وقيادتها كما حدث في تمرد ١٩٥٥ وما تلاه وتمرد ١٩٨٣ وما تلاه وتمرد ٢٠٠٣ وما تلاه. ولم يصدر في تاريخها حتى يومنا أمر بإطلاق النار على مواطن غير خارج على القانون وكل الأوامر في الجيش مكتوبة وتحيا حتى قبل أن تقرأ (حي الأوامر) {ومنها أوامر ضرب نار} موجودة في المستندات وكل عسكري مطالب بجمع الظروف الفارغة من مرتبه الحربي وبيان أين أطلقها ومن اصدر له الأمر بذلك. إذا كان التحرك من المستشفى العسكري العام لقسم الباطنية مثلا داير (أمر تحرك) مكتوب في ورقة A4 كاملة فكيف بأوامر ضرب نار!!!!. وكل من اطلق رصاصة بغير أوامر أو بأوامر مخالفة للقانون يقدم لمحاكمة عسكرية وحدث ذلك عشرات المرات وسيحدث لأن البشر مهما دربتهم يظل فيهم العندو كبر راس (متفلت) لكن الجيش بجيب راس الجبل. ولذلك اتهام القوات بضرب المواطنين وتعميم إهانة مباشرة لشرف هذه القوات هو جهل كبير بها و بضوابط عملها ويستدعي المحاكمة العادلة في حد ذاته.
٨- ليعلم هذا الشعب الكريم أن ما يربطنا بيه الجيش (لا منصب ولا مرتب ولكن عشق وطن جوانا إتركب) فلا يزايدن أحد على وطنية القوات المسلحة. ولذلك أكثر الحاصلين على أوسمة وأنواط الدولة (ضابط النيشان) هم منتسبي القوات المسلحة وليس منتسبي الخدمة المدنية. و والله لقد تعرفنا طوال مدة خدمتنا والتي شارفت على ربع قرن الآن على رجال من ضباط وضباط صف وجنود والله نموت قدامهم ونخدمهم بعيوننا لأنهم كانوا حقيقة فوق وأعلى من كل معنى لكلمة مجد وشرف وسمو ورجالة وشهامة وشجاعة ومروءة لا يبخسها إلا جبان. ووالله مالنا من شرف أكبر من أنا خدمنا في هذه المؤسسة وحملنا شعار الجمهورية في أعلى رؤسنا (صقر الجديان أعلى البوري والبق هات) سنينا طوال كان بمثابة المذكر لنا على الدوام بقسمنا وبأن نحرص على أن تكون رؤسنا دوما مرفوعة حتى يكون اسم السودان وشعاره دايما فوق واعلى منا وفوق رؤسنا.
٩- والله لو تحدثت مهما تحدثت عن هذه المؤسسة والله ما انصفتها ولكن شيء حز في النفس من ظلم البعض لكسب هؤلاء الرجال الذين ما تكلموا ولن يتكلموا البتة يوما عن إنجاز أو بطولة أو معارك قل أن يشهد التاريخ مثيلها في ظروفها وحيثيتها لأنهم لا يرون ذلك شيئا في حق الوطن ولو كان يجوز في ديننا لمتلأت الساحات بالتماثيل لآلاف العظماء من منسوبي القوات المسلحة ولكن اقلو أن تصنع لهم نصب تمجد ذكراهم وتذكر الناشئة بكيف كان أباؤهم وجدودهم يوما وكيف حفظوا لهم أرضهم و بلادهم وأعراضهم .
١٠- إن كل عظماء التاريخ ومن صنعوه أو غيروه سلبا أو إيجابا كانوا من العسكر حتى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عاش عسكريا وقادبنفسه ٢٨ متحركا وكان الكاكي آخر ما خلعه قبيل موته عندما رهن درعه ليهودي. ثلثي رؤساء امريكا كانوا عساكر تشرشيل وشارل ديقول وهتلر وستالين وموسيليني وجانكيز خان وجل أمراء المؤمنين وسلاطينهم إلى يومنا هذا كالملك عبدالله والحسن وقابوس وتميما كانوا عساكر. فهل (حرام على بلابله الدوح حرام للطير من كل جنس).
الجيش والسياسة : إن العسكر مهما تحلوا بالضبط والربط يظلون بشرا لهم مشاعر وعواطف وميول سياسية ولكنهم يضبطونها ما أمكن والحديث عن عدم ممارستهم السياسة لا يسنده التاريخ ولا المنطق ولا الواقع. أوليسوا سيصوتون في الإنتخابات؟؟؟؟ غير انهم سيصوتون للأفكار والشخصيات غالبا لا للأحزاب. فكل جيوش الدنيا تمارس السياسة وفي تاريخنا السوداني الحديث أكثر من مارس السياسة هم العسكر في ثلاث فترات.
وأخيرا وليس آخرا ( فتلك عشرة كاملة) فإن تحذير السيد القائد العام من أن أي شعب يهين قواته المسلحة فعليه أن يستعد (للعق أحذية الغزاة) تحذير حقيقي وعلى كل واعي أن يتأمل فيه . وكل من يهين القوات المسلحة من أبناء هذا الشعب أو يتهمها بالإرتزاق أو العمالة ومعليك ما عندنا جيش فهو في الحقيقة يسيء لنفسه وأخيه وأبيه وخاله وعمه وأسرته الممتدة ولينظر بعدها إن كان على صواب أم خطأ ولينتظر من يحمية أو يموت دونه و دون أساءته مصنع الرجال وعرين الأبطال و معسكرات التجنيد مفتوحة فليرنا من نفسه قوة ولينضم لصفوف القوات المسلحة ليعلمنا الجيش عسى الله أن يرحمه.
وسيظل جيشنا كما تغنينا له أبدا (الحارس مالنا ودمنا جيشنا جيش الهنا).
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

عقيد طبيب
طارق الهادي الصديق محمود
الخرطوم ١٨/٥/٢٠٢١

صحيفة القوات المسلحة

اترك رد