د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن (15)

السودان

الخرطوم : الرآية نيوز

د.أمين حسن عمر يكتب :

الكيزان من نحن (15)

هل الحركة الاسلامية حركة أصولية؟

الاسلاميون أبناء أصول فهم ليسوا بمنبتين عن أهلهم ولا وطنهم ولا عقيدة أهلهم وأخلاقهم وأعرافهم و تُوصف الحركة الإسلامية أيضا بأنها حركة أصولية تجديدية فماذا يقصد بذلك؟ وهل أصوليتها هي ذات الأصولية التي تصف بها الدوائر الغربية الحركات الإسلامية؟ وماذا يعني كونها تجديدية وما علاقة ذلك بصفة الأصولية؟ كثًر إستخدام مصطلح “أصولية” في وسائل الاعلام العربية نقلاً معرباً عن مصطلح Fundamentalism الذي تصف به الدوائر الاعلامية الغربية الحركات الإسلامية في مشرق أوروبا وأمريكا. بيد أن الأصولية التي تُوصف بها الحركات الإسلامية ويُوصف بها الإسلام أحياناً في الغرب لا علاقة لها بالأصولية التي نؤمىء إليها. فالغرب يسقط معطيات ذاكرته عن الأصولية المسيحية على الإسلام والحركات الإسلامية. وما أبعد الشُقة بين الإسلام وبين تلك الأصولية . فهي مذهب بروتستانتي ظهر في القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة الأمريكية (1880 – 1890) . وهو يقول بحرفية نصوص الكتاب المقدس . وأنها غير قابلة للتأويل وأن أحكامه غير قابلة للتأمل أو المساءلة الفكرية. وهو مذهب يرفض التسامح مع المغايرة والاختلاف والفكري. كما يفسر التاريخ تفسيراً يجعل تكرار أنساقه حتمياً . ولذلك فقد أصبحت تلك الحركة الأصولية من أقوى حلفاء الصهيونية . لأنها ترى حسب رؤيتها للتاريخ أن عودة المسيح مرتهنة باقامة دولة إسرائيل وإعادة تشييد الهيكل . والغرب وأمريكا ينسبان كل حركة تدعو إلى إعادة بعث الدين في الحياة المعاصرة إلى الحركة الإصولية لإيمان غالب المواطنين في تلك البلدان بالعلمانية وفصل الدين عن الحياة العامة بل والتباعد عن التدين في الحياة الخاصة.
أما أصولية الإسلام فهي بخلاف ذلك . لأن مرجعها إلى الاستمساك بالأصول المعرفية المتمثلة في الكتاب وفي السنة. ولا يؤمن إلا عدد قليل للغاية بأن نصوص الكتاب والسنة حرفية وغير قابلة للتأويل . وهي قلة ذات حظ قليل من العلم. ذلك أن غالب العلوم الشرعية الإسلامية أنما نشأت على تفسير النصوص وتأويلها . لأن الأمتثال للقطعى من أحكام الكتاب والسنة لم يكن في يومٍ من الأيام موضع خلاف بين المسلمين. وقد نشأ الخلاف بين المذاهب العقدية والشرعية الإسلامية حول مدى التأويل الذي قد يُذهب إليه في تأويل النصوص لتفهم فهماً مطابقاً للمراد الألهي في استقامة أحوال المسلمين وأوضاعهم على ما يصلحهم في الدنيا والآخرة. وخلافاً للإتهام الذي يُساق للحركات الإسلامية المعاصرة فجميعها كانت حركات ذات بعد تجديدي. ذلك أن المسلمين خاصتهم وعامتهم يؤمنون بأهمية التجديد لإصلاح الحياة واستقامتها على نهج الإسلام. فهم يؤمنون بالحديث النبوي بأن الله يبعث في الأمة في كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها. وقد أعتبر البعض أن كلمة (من) هذه تعني فرداً قائداً . وأعتبر آخرون أن كلمة (من) قد تعني الجماعة . وسواء كان المقصود بقيادة تجديد أمر الدين فرداً واحداً أو جماعة يقودها فرد أو أفراد ملهمون فأن المطلوب المقصود تجديد أمر الدين فهماً وأحاطة بضرورات الحياة المتغيرة المتبدلة. وقد نشأت كل الحركات المهدوية على فكرة تجديد أمر الدين . وكذلك كل الحركات السلفية إنما جاءت لإحياء المعاني الأصيلة في الدين وفهمه فهماً صحيحاً كما كان يفهمه الرواد الأولون من السلف الصالح. وكذلك جميع الحركات الإسلامية المعاصرة جاءت لا لبعث الدين كما آل في مفهوم العامة من الناس . وأنما تجديد فهم الدين فهماً صحيحاً يتسم بالمرونة والقدرة على استيعاب متغيرات الحياة المتسارعة. وقد اختلفت الحركات الإسلامية في فهمها للتجديد وفي المدى الذي يمكن الذهاب إليه في استيعاب مفاهيم ورؤى جديدة لاستيعاب المراد الألهي في نصوص الكتاب والسنة المطهرة. بل أن الخلاف حول ذلك قد يمتد إلى داخل الحركة الواحدة بين متوسع في التأويل وآخر يضيق التأويل إلى أدنى المسافة.
د.أمين حسن عمر
من كتاب الحركة الاسلامية سؤالات وإجابات.

د.أمين حسن عمر يكتب : الكيزان من نحن (14)

اترك رد