إبراهيم عثمان يكتب : نظام أكثر شذوذاً من مكوناته !

السودان

الخرطوم:الرآية نيوز

نظام أكثر شذوذاً من مكوناته !

يمكن القول بكل ثقة إن شذوذ هذا النظام أكبر من مجرد الجمع الكمي البسيط لشذوذ مكوناته.. ويمكن القول بأن التوافق لم يكن على الحد الأدنى الذي يأخذ بتحفظات المكونات، وبالتالي لم يعد شذوذ النظام يعادل فقط المتوسط الحسابي لشذوذ مكوناته.. وهناك انتظام داخل ما يبدو من فوضى، وهو انتظام قاعدته وخيطه الناظم إرادة الشذوذ التي يتواطأ الجميع عليها إما بمساهماتهم “الإيجابية” أو بتخفيض مستوى تحفظاتهم إلى الحد الأدنى الذي لا يعرقل ولا يزعج .. هذه الزيادة في الشذوذ تأتي من :

▪️ أن الحكومة تأخذ من كل حزب وحركة أشذ/أسوأ ما عنده ..
▪️ في بعض الجوانب التي لا يتوفر لها حزب/حركة يحقق معدل الشذوذ المطلوب تلجأ لمكتب حمدوك ليوفره.
▪️ و في حالة تلكؤ مكتب حمدوك يقوم المكون العسكري بالمهمة ..
▪️ وفي حالة عدم توفر السقف المطلوب في كل المكونات، يقوم الخارج بتكملة النقص عبر الضغط على المكونات ..
▪️ وما تبقى من شذوذ مطلوب ليكون النظام في كامل شذوذه/زينته يؤجله النظام إلى المفاوضات مع الحلو وعبد الواحد ليتحلل من بعض قيود خطة التدرج متعللاً بالسلام، وليكمل لوحة الشذوذ بإضافاتهما النوعية ..

(1) التطــــــــبيع :
– تعترض عليه معظم المكونات، أو هذا ما تظهره للرأي العام، لكن إرادة أقربهم إلى التطبيع هي التي مضت في النهاية،
– وهناك ضغط خارجي جعل أمر التطبيع يمضي إلى ما هو أكثر من إرادة الطرف المتحمس.
– أُختيرت وزيرة الخارجية من أكثر الأحزاب تمشياً ومسايرةً وعدم تمسك بتحفظاته على التطبيع وعلى غيره .

(2) الدولة البوليسية :
– توافقت مكونات السلطة على تقديم البعث كأكثر الأحزاب قدرةً على الإسهام في هذا المجال، مع بعض الصقور من أحزاب أخرى ليشكلوا لجنة التمكين التي تمثل الذراع الأمنية الضاربة.
– انتدب حزب الأمة اثنين من أكثر عناصره بعداً عن المتوسط العام لمواقف الحزب ليمثلانه في اللجنة، في إثبات ثانٍ للطبيعة الحربائية لتحفظات الحزب.
– لا أحد يستطيع أن يعترض اعتراضاً مقنعاً على حقيقة أن الممارسات السلطوية للجنة تزيد عن المتوسط عند مكونات النظام..

(3) التبعية للخارج :
– اختاروا حمدوك لرئاسة الوزراء كأكثرهم تبعية
– فكانت رواتب مكتبه من الإتحاد الأوروبي.
– وكانت بعثة الوصاية الأممية التي أعطاها في البداية صلاحيات واسعة ثم اضطر تحت ضغط الفضيحة إلى تقليلها ..

(4) روشتة البنك الدولي :
– يعترض عليها عدد من الأحزاب، ولما كان حزب الأمة ليس من بينها تم اختيار أول وزير مالية منه ليتوافق مع مكتب حمدوك في إنفاذها كاملةً ليستمر تطبيق الروشنة بعد ذهاب الوزير .
– ثم أتوا بجبريل الذي يعلمون حاجته إلى الأموال التي تم التعهد بها في إتفاق جوبا، وبالتالي يعلمون جرأته في إتخاذ خطوات كبيرة لاستكمال الروشتة لتوفير الأموال.

(5) الهروب من الانتخابات :
– تستجيب كل المكونات إلى رغبات أصغر الأحزاب وأكثرها هلعاً من الصناديق ورغبةً في تطويل الفترة الانتقالية..
– وتستجيب إلى رغبات حركات التمرد التي تريد فترة انتقالية أطول ومليئة بتغييرات جذرية توافق رغباتها .
– وأيضاً لا تؤثر تحفظات حزب الأمة بأي درجة.

(6) العلمــــــــــانية :
تتوافق عليها المكونات عدا حزب الأمة، ولهذا اختار النظام أكثر العناصر تشدداً لتتولى المسؤوليات ذات الصلة المباشرة بالعلمانية:
– فكان هناك عبد البارئ ليقوم بإعداد القوانين بما يمثل أكبر استجابة ممكنة لرغبات الغرب التي تزيد عما تقدره مكونات النظام في إطار خطة التدرج المعتمدة .
– وكان اختيار الرشيد سعيد ليتولى الجانب الإعلامي والثقافي، بما يمكن الجزم بأنه يزيد عن المتوسط الذي يتشكل من حصيلة مواقف حزب الأمة المعلنة أو المفترضة وبقية المكونات.
– وكان القراي للمناهج، ومواقفه الشاذة بالتأكيد تزيد عن متوسط مواقف مكونات النظام، لكنه كان يجد المباركة، وأبعِد بسبب ضغوط قوية من خارج مكونات السلطة..
– وكانت الجمهورية البوشي لتتولى الشباب والرياضة، والشيوعي الأمين التوم ليتولى التعليم..
– وكانت لجنة العلمانيات والعلمانيين المكلفة بصياغة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ..
– وكان نصر الدين مفرح ليقدم المباركة الدينية .. وهذا أيضاً يكشف مدى هشاشة وسطحية تحفظات حزب الأمة.
– ولما كان هذا لا يكفي كان الاعتماد على الحلو ليقدم المشروع العلماني خطوات إلى الأمام، ويحميه بمبادئ فوق دستورية ..

إبراهيم عثمان

اترك رد