من بوركينا فاسو إلى السودان.. فولفرام فيتر يتسلم ملفًا معقدًا في بورتسودان
متابعات - الراية نيوز

متابعات – الراية نيوز – في تحرك يعكس مراجعة أوروبية تدريجية لسياساتها تجاه السودان، أعلن الاتحاد الأوروبي تعيين الدبلوماسي الألماني فولفرام فيتر سفيرًا جديدًا له لدى الخرطوم، في وقت يتزايد فيه الحديث عن انفتاح أوروبي مشروط على السلطة القائمة في بورتسودان.
ويأتي تعيين فيتر خلفًا للسفير الأيرلندي آيدان أوهارا، الذي سيغادر منصبه قريبًا متجهًا إلى القاهرة لتولي مهام سفير بلاده في مصر، حيث تتواجد مؤقتًا بعثة الاتحاد الأوروبي المعنية بالشأن السوداني منذ تصاعد الصراع.
يُعد فيتر من الأسماء الوازنة داخل الجهاز الدبلوماسي الأوروبي، ويتمتع بخبرة لافتة في القارة الأفريقية، إذ سبق أن ترأس بعثة الاتحاد الأوروبي في بوركينا فاسو حتى عام 2023، قبل عودته إلى بروكسل، ما يجعله خيارًا محسوبًا بعناية لهذه المرحلة المعقدة من الأزمة السودانية.
التعيين الجديد يأتي في لحظة سياسية حساسة، تتزامن مع مؤشرات على تحولات في المزاج الأوروبي إزاء السودان، إذ تدرس بعض الدول الأعضاء، مثل إيطاليا وهولندا، إعادة فتح قنوات اتصال مع القيادة الانتقالية في بورتسودان، ضمن مقاربة واقعية تهدف إلى حماية المصالح الأوروبية وتفادي مزيد من الانزلاق السوداني نحو محاور دولية منافسة، أبرزها روسيا وإيران.
وبحسب مصادر دبلوماسية، يتبلور داخل بعض العواصم الأوروبية نهج جديد قائم على “البراغماتية المدروسة”، يربط بين الانخراط المحدود مع السلطات الحالية وبين ضمانات تتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، والعودة إلى مسار انتقالي مدني – وإن بصيغة غير تقليدية.
هذا التوجه يتقاطع مع التطورات السياسية الأخيرة في السودان، وعلى رأسها تعيين الدكتور كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في مايو الماضي بقرار من الفريق عبد الفتاح البرهان، وهو تعيين قرأه بعض المراقبين كمحاولة لإعادة تأهيل صورة السلطة القائمة دون التنازل عن السيطرة الفعلية.
ورغم بدء اتصالات أولية بين مسؤولين أوروبيين والبرهان، لا يزال الاتحاد الأوروبي ككل متحفظًا تجاه الاعتراف الرسمي بالحكومة التي يجري تشكيلها في بورتسودان، فيما يُعد المبعوث السويسري سيلفان أستييه الشخصية الغربية الوحيدة التي التقت إدريس بشكل رسمي حتى اللحظة.
من جانبه، واصل السفير المغادر آيدان أوهارا التزامه بخط الحياد المتوازن في التعامل مع كل من الجيش وقوات الدعم السريع، إلا أن هذا النهج، برأي عدد من المتابعين، أضعف قدرة الاتحاد الأوروبي على لعب دور مؤثر في جهود الوساطة أو الدفع نحو حل تفاوضي.
في موازاة ذلك، يركز الاتحاد الأوروبي حاليًا على دعم المسارات الإنسانية عبر مديرية DG ECHO، مع بذل جهود للضغط على الأمم المتحدة لتنسيق عملياتها مع الجهات الفاعلة ميدانيًا، سواء كانت تابعة للجيش أو للدعم السريع، وسط مشهد معقد تتداخل فيه الشرعيات والسيطرة على الأرض.
يُذكر أن الأمم المتحدة لا تزال تعتبر عبد الفتاح البرهان رئيسًا شرعيًا للدولة السودانية، على الرغم من التباينات داخل المجتمع الدولي حول توصيف المرحلة الحالية.
وفي تطور لافت يعكس حجم الاستياء الشعبي، وقّع مئات من النشطاء والسياسيين السودانيين منتصف يونيو رسالة مفتوحة تطالب بإقالة المبعوث الأممي رمطان لعمامرة، متهمين إياه بالفشل في تحقيق أي تقدم ملموس، والانحياز الصريح لصالح المؤسسة العسكرية.